حمدان بن محمد يترأّس مجلس الدفاع ويؤكد على التعاون الدفاعي مع ألمانيا

موقع أيام نيوز

حمدان بن محمد يترأّس مجلس الدفاع ويؤكد على التعاون الدفاعي مع ألمانيا: شراكة استراتيجية من أجل أمن مستدام

في خضم التحديات الإقليمية والدولية المتسارعة، والتي تتطلب مواقف حازمة وتعاونًا دوليًا فعّالًا، ترأّس سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، جلسة مجلس الدفاع التي عُقدت مؤخرًا، مؤكدًا فيها على أهمية توثيق التعاون الدفاعي مع جمهورية ألمانيا الاتحادية كجزء من الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز منظومة الأمن والدفاع المشترك.

هذه الخطوة لم تكن مجرد اجتماع تقليدي لمجلس دفاعي، بل كانت إعلانًا عن مرحلة جديدة من التكامل الاستراتيجي العسكري والتقني بين أبوظبي وبرلين، تعكس وعيًا متزايدًا بضرورة بناء شراكات راسخة مبنية على التفاهم والمصالح المتبادلة.

محاور الاجتماع: أمن شامل وتعاون عابر للحدود

خلال الجلسة، شدد سمو الشيخ حمدان بن محمد على أن أمن الدولة والمنطقة لا يمكن عزله عن الأمن العالمي، وأن التعاون الدفاعي ليس مجرد تبادل معدات أو تدريبات، بل هو استثمار طويل الأمد في الاستقرار الإقليمي والعالمي.

وأشار سموه إلى أن ألمانيا شريك موثوق بفضل سجلها في الصناعات الدفاعية المتقدمة، والتزامها بالمعايير الأخلاقية والإنسانية في الشؤون العسكرية، وهو ما يجعلها حليفًا مثاليًا في ظل التحديات الجيوسياسية المعاصرة.

وقال سموه:

"نحن في الإمارات نؤمن بأن بناء القوة لا يعني التلويح بها، بل يعني تسخيرها في خدمة السلام وحماية المنجزات الحضارية، ولهذا فإن شراكتنا مع ألمانيا تنطلق من رؤية استباقية توازن بين الدفاع والردع وبين السلام والتعاون."

ملامح الشراكة الدفاعية بين الإمارات وألمانيا

على مدار السنوات الماضية، شهد التعاون العسكري بين البلدين تطورًا ملحوظًا، بدءًا من صفقات التسلح التي شملت أنظمة دفاعية عالية التقنية، مرورًا بالتدريبات المشتركة، ووصولًا إلى تبادل الخبرات في مجال الأمن السيبراني والدفاع الفضائي.

أبرز ملامح التعاون:

تدريبات عسكرية مشتركة في إطار مناورات برية وبحرية لرفع جاهزية القوات المسلحة.

صفقات أسلحة نوعية تشمل طائرات استطلاع، ودبابات ليوبارد الألمانية، وأنظمة دفاع جوي متقدمة.

تبادل الخبرات الفنية والتكنولوجية، لا سيما في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الدفاعية الذاتية.

تعاون في الأمن السيبراني لحماية البنية التحتية الحيوية من التهديدات الرقمية.

مشاريع بحثية مشتركة بين المؤسسات الأكاديمية والعسكرية من كلا البلدين لتطوير حلول مبتكرة في مجال الأمن.

لماذا ألمانيا؟ دوافع التعاون من منظور إماراتي

تأتي ألمانيا في صدارة الدول الأوروبية ذات الثقل الصناعي والعسكري، ولها باع طويل في صناعة الأسلحة الدفاعية والأنظمة المتقدمة. وقد اختارت الإمارات توسيع الشراكة معها لعدة أسباب:

الحياد السياسي الألماني النسبي في القضايا الإقليمية، ما يمنح العلاقة بعدًا استراتيجيًا بعيدًا عن التجاذبات.

الاعتمادية التكنولوجية العالية، حيث تعد ألمانيا من الدول الرائدة عالميًا في تطوير الأنظمة الدفاعية المتقدمة.

التقاطع في القيم، إذ تشترك الدولتان في الرؤية التي تعتبر أن الأمن يتحقق بالسلام والاحترام المتبادل وليس بالهيمنة.

الخبرة الألمانية في تقنيات الدفاع الإلكتروني، وهو أحد المحاور الحيوية في العقيدة الدفاعية الإماراتية الحديثة.

الإمارات وألمانيا: من الأمن إلى الدبلوماسية الدفاعية

تحرص القيادة الإماراتية، ممثلة في سمو الشيخ محمد بن زايد وولي عهده في دبي الشيخ حمدان بن محمد، على صياغة مفهوم جديد للدفاع، يربط بين القوة العسكرية والدبلوماسية الدفاعية. ومن هذا المنطلق، يشكّل التعاون مع ألمانيا رافعة مهمة في تعزيز مكانة الإمارات كلاعب محوري في حفظ الأمن الإقليمي.

فليس غريبًا أن نرى ضباطًا إماراتيين يتلقون تدريباتهم في أكاديميات عسكرية ألمانية، أو خبراء ألمان يشاركون في ورش أمنية تعقد في أبوظبي أو دبي، فالمعادلة باتت واضحة: الأمن ليس محليًا فقط، بل هو تعاون متكامل يشمل التكنولوجيات، والعقيدة، والضبط الأخلاقي للسلاح.

التكنولوجيا الدفاعية: نقطة التقاء بين العاصمتين

في ظل التحوّل العالمي نحو الأنظمة الذكية، تُولي الإمارات اهتمامًا بالغًا بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، وهو ما يتقاطع مع الرؤية الألمانية. إذ يعمل الجانبان على مشاريع واعدة تشمل:

الروبوتات القتالية ذات التحكم الذكي.

الطائرات المسيرة بعيدة المدى للمهام الاستخبارية.

أنظمة الدفاع الجوي القائمة على التوقع الذكي للتهديدات.

برمجيات التشفير السيبراني عالية التعقيد.

ويُتوقع أن تُثمر هذه المشاريع عن جيل جديد من الحلول الدفاعية المشتركة، تسهم في تحديث قدرات القوات المسلحة الإماراتية، وتعزز من الصناعات الدفاعية في كلا البلدين.

انعكاسات إقليمية ودولية للتعاون

يُنظر إلى هذا التعاون كجزء من استراتيجية أوسع تنتهجها الإمارات، تهدف إلى:

تحقيق توازن قوى في منطقة الخليج يحفظ الأمن دون الانزلاق نحو سباقات تسلح.

دعم جهود مكافحة الإرهاب والچريمة المنظمة، من خلال الشراكات التقنية والاستخباراتية.

تعزيز الصناعات الدفاعية المحلية عبر نقل الخبرات الألمانية للإماراتيين.

دعم الحوارات الأمنية الدولية من موقع قوة تعتمد على شبكة تحالفات متوازنة.

مستقبل الشراكة: نحو منظومة دفاعية متكاملة

أكد سمو الشيخ حمدان في ختام الاجتماع أن هذه الشراكة لا تتوقف عند صفقات أو تدريبات، بل تتعداها إلى بناء منظومة دفاعية إماراتية-ألمانية متكاملة قائمة على الابتكار، والاعتمادية، والتطور المستمر.

وشدّد على أن المجلس سيواصل دعم أية مبادرات من شأنها تعزيز القدرات الدفاعية للدولة دون الإخلال بالتوازنات الإقليمية، وسيعمل على تمكين الكفاءات الإماراتية، وتوفير بنية تحتية عسكرية تواكب المستقبل.

خلاصة

إن ترؤس سمو الشيخ حمدان بن محمد لمجلس الدفاع وتأكيده على تعزيز التعاون مع ألمانيا لا يعكس فقط توجهًا استراتيجيًا إماراتيًا، بل يؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة المستدامة في الدفاع والأمن والابتكار. في عالم تتعدد فيه التهديدات وتتعقد فيه المعادلات، تبدو الإمارات عازمة على المضي قدمًا بتحالفاتها النوعية، لتبقى قلعة أمان في محيط متغير، وقوة مسؤولة في مجتمع دولي مضطرب.

هذا التعاون بين الإمارات وألمانيا ليس فقط اتفاقًا بين دولتين، بل هو رسالة للعالم مفادها أن القوة الحقيقية تكمن في الشراكة، وأن السلام المستدام لا يبنى إلا على أساس أمني صلب وشراكات تحترم الإنسان قبل السلاح.

تم نسخ الرابط