دراسة: ربع ساعة نوم إضافي تحسن تركيز المراهقين

دراسة: ربع ساعة نوم إضافي تحسن تركيز المراهقين
في عالم متسارع يفرض على المراهقين ضغوطًا متزايدة من المدرسة، والأنشطة اليومية، ووسائل التواصل الاجتماعي، يبدو النوم وكأنه رفاهية يمكن الاستغناء عنها. غير أن دراسة حديثة كشفت عن أمر بسيط قد يُحدث فرقًا كبيرًا: 15 دقيقة إضافية من النوم فقط كافية لتحسين تركيز المراهقين بشكل ملحوظ.
هذه النتائج المذهلة تسلط الضوء مجددًا على دور النوم في تشكيل قدراتنا الإدراكية والسلوكية، خاصة في سنوات المراهقة الحرجة.
النوم ليس ترفًا.. بل ضرورة بيولوجية
يعتقد البعض أن تقليل عدد ساعات النوم لا يؤثر كثيرًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بـ"مجرد ربع ساعة". لكن العلم له رأي آخر. فالمراهقة هي فترة تتشكل فيها مهارات التفكير العليا، والقدرة على التحليل، واتخاذ القرار، وجميعها وظائف تعتمد بشكل أساسي على راحة الدماغ.
وفقًا للخبراء، فإن النوم الجيد يعزز التواصل بين الخلايا العصبية، ويُسهم في تنظيم العواطف، وتحسين الذاكرة والانتباه.
ماذا قالت الدراسة؟
أُجريت الدراسة في إحدى الجامعات الرائدة، حيث تابع الباحثون مجموعة من المراهقين تراوحت أعمارهم بين 13 و18 عامًا. طُلب من المشاركين في البداية الالتزام بجدول نومهم المعتاد، ثم طُلب منهم لاحقًا تأخير وقت استيقاظهم 15 دقيقة فقط.
النتيجة؟
لوحظ تحسّن واضح في قدرتهم على الانتباه، وتقليل أخطائهم في اختبارات التركيز، بل وحتى تحسّن مزاجهم العام في الصباح.
تشير الدراسة إلى أن هذه الزيادة الصغيرة في النوم أدت إلى تحسّن أداء المشاركين بنسبة 15-20% في اختبارات الذكاء السريع والذاكرة اللحظية. كما أظهرت مؤشرات نشاط الدماغ خلال المهام الذهنية تحسّنًا في مناطق مسؤولة عن الانتباه والتنظيم.
النوم الناقص: العدو الصامت للمراهق
في الواقع، يعاني الكثير من المراهقين اليوم من ما يُعرف بـ**"عجز النوم المزمن"**. فهم يسهرون لأوقات متأخرة بسبب الدراسة أو استخدام الهواتف، ويضطرون للاستيقاظ مبكرًا للذهاب إلى المدرسة، ما يُفقدهم ساعات ثمينة من النوم.
تُظهر إحصائيات منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 70% من المراهقين حول العالم لا يحصلون على الحد الأدنى الموصى به من النوم، وهو بين 8 إلى 10 ساعات يوميًا.
قلة النوم هذه لا تؤثر فقط على التركيز، بل ترتبط بزيادة خطړ الإصابة بالاكتئاب، ضعف المناعة، مشاكل الجلد، وزيادة الوزن، فضلًا عن انخفاض الأداء الدراسي.
التأثيرات الدراسية: كيف يغير النوم مسار التعليم؟
تشير دراسات متعددة إلى أن التلاميذ الذين ينامون جيدًا يؤدّون بشكل أفضل في الامتحانات، ويتفاعلون بصورة أكثر فاعلية في الصف، ويتخذون قرارات أسرع وأكثر دقة.
بينما المراهق الذي يعاني من الحرمان المزمن من النوم، قد يواجه صعوبة في الاحتفاظ بالمعلومات، أو إتمام المهام البسيطة، ما ينعكس سلبيًا على ثقته بنفسه وعلى تفاعله الاجتماعي.
نصائح عملية لتحسين نوم المراهقين
روتين منتظم للنوم: تحديد وقت ثابت للنوم والاستيقاظ حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
الابتعاد عن الشاشات: إغلاق الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة، لأن الضوء الأزرق يعطّل إفراز هرمون "الميلاتونين".
تهيئة غرفة النوم: جعل الغرفة مظلمة وهادئة وباردة نسبيًا يعزز من جودة النوم.
تجنب الكافيين مساءً: تقليل تناول المشروبات المنبّهة بعد الرابعة عصرًا.
تشجيع الأنشطة البدنية: المراهق النشيط ينام بشكل أفضل.
دور الأهل والمدرسة
من المهم أن يدرك الأهل أن النوم لا يقل أهمية عن الطعام أو الدراسة. عليهم توفير بيئة داعمة، وتشجيع أبنائهم على تطوير عادات نوم صحية.
أما المدارس، فقد حان الوقت لإعادة التفكير في توقيت بدء الدوام المدرسي. تشير دراسات أمريكية إلى أن تأخير الحصص الصباحية حتى الساعة 8:30 أو 9 صباحًا يُحسّن نتائج الطلاب ويقلّل معدلات الغياب والتأخر.
الخلاصة
ربما تبدو 15 دقيقة مدة قصيرة لا تساوي الكثير، لكنها في واقع الأمر قد تُحدث تحوّلًا حقيقيًا في حياة المراهق.
النوم الكافي هو وقود العقل، والمراهق بحاجة إليه كي يبدع، يتعلّم، ويعيش بصحة نفسية وجسدية متوازنة.
فلنمنح أبناءنا هذه الربع ساعة الإضافية — فقد تكون مفتاحًا لنجاحهم في الدراسة، وفي الحياة.\